بودبوز وسوداني على رأس ثعالب الصحراء
بفوزها 4-0 على رواندا، استهلت الجزائر مشوارها ضمن تصفيات مونديال البرازيل 2014 بتحقيق واحد من أكبر الانتصارات في الجولة الأولى من المباريات التأهيلية في القارة الأفريقية.
وقبل شد الرحال صوب بوركينا فاسو لمواجهة مالي يوم السبت 2 يونيو\حزيران، تحدث موقع FIFA.com إلى النجمين رياض بودبوز والعربي هلال سوداني، اللذين يُعتبران دعامتين أساسيتين في تشكيلة ثعالب الصحراء، حيث اهتزت مدرجات ملعب مصطفى شاكر في البليدة على إيقاع لمساتهما نهاية الأسبوع الماضي.
فبعدما أنقذ نادي سوشو الفرنسي من الهبوط إلى الدرجة الثانية بهدف في غاية الروعة داخل مرمى مارسيليا في الجولة الأخيرة من الموسم المنقضي، كان رياض أبرز لاعب في مباراة منتخب بلاده مساء الأحد بفضل الدور المتميز الذي أداه على أتم وجه في محور ارتكاز خط الوسط، حيث كان وراء صنع أغلب هجمات أصحاب الأرض، بينما تولى مهاجم فيتوريا جيماراريش البرتغالي ترجمة التمريرات داخل مرمى الزوار، حيث سجل هدفين برأسيتين بديعتين، محرزاً بذلك ثنائيته الأولى بالقميص الأخضر.
ورغم ذلك الأداء الباهر الذي أعاد البسمة إلى الجماهير الجزائرية، يصر هذا الثنائي على أهمية التحلي بالتواضع قبيل دخول غمار المباراة الثانية ضمن فعاليات المجموعة الثامنة في ضيافة المنتخب المالي، الذي بات من أقوى الفرق الأفريقية، بعدما حل ثالثاً في نسخة هذا العام من بطولة أمم القارة السمراء.
وقال سوداني بنبرة حازمة "إن هذه المواجهة ستكون صعبة للغاية لكننا مطالبون مع ذلك بتحقيق نتيجة إيجابية من أجل مواصلة انطلاقتنا الجيدة. إننا ذاهبون إلى واجادوجو من أجل الفوز." ومن جهته، أوضح بودبوز بالقول "إننا نعرف مدى صعوبة جميع المباريات التي تقام على الأراضي الأفريقية. صحيح أن العودة بالفوز من البنين أو رواندا تمثل إنجازاً رائعاً، لكن الماليين يملكون منتخباً أفضل من هذين الفريقين. يجب أن نضغط عليهم لكي نحول دون تمكنهم من اللعب وفق نهجهم المعتاد، آملين في العودة إلى الديار بنتيجة إيجابية."
تجربة عالمية
يبدو أن المشاركة في مونديال 2010 كانت مفيدة للفرق التي مثلت القارة السمراء في ذلك العرس العالمي. فباستثناء منتخب بافانا بافانا الذي تأهل آنذاك بصفته مستضيف البطولة، تمكنت جميع المنتخبات الأفريقية الحاضرة في بلاد مانديلا قبل عامين من تحقيق النصر في مستهل المشوار نحو نهائيات البرازيل 2014، بل وإن كل تلك المنتخبات باتت تتصدر مجموعاتها.
ولا شك أن الجزائر ستسعى جاهدة لاستغلال تجربتها المونديالية تلك، ولو أن بودبوز وسوداني لم يكونا حاضرين ضمن تشكيلة رابح سعدان التي شاركت في التصفيات المؤهلة إلى النسخة الأخيرة من أم البطولات، قبل أن ينضم لاعب سوشو إلى الفريق في اللحظة الأخيرة ليشارك في النهائيات العالمية بقميص بلاده. فقد ظهر رياض لأول مرة مع كتيبة ثعالب الصحراء في مرحلة التحضيرات التي سبقت بداية المونديال، ليبلي البلاء الحسن ويضمن مشاركته في التشكيلة الأساسية خلال المباراة أمام إنجلترا.
وقال الفائز بنسخة 2011 من الكرة الذهبية الجزائرية "إن اللعب ضد فرانك لامبارد ووين روني وستيفن جيرارد يمثل لحظة لا تُنسى في حياة المرء، وخاصة إذا كنت لا تراهم إلا في شاشات التلفاز. لقد كانت الأجواء رائعة للغاية، حيث امتلأ الملعب بالمشجعين الإنجليز والجزائريين. لم يتمكن الإنجليز من السيطرة على المباراة، بينما نجحنا نحن في اللعب وفق أسلوبنا المعتاد دون ارتباك أو خوف."
وشكل ذلك التعادل السلبي أمام الأسود الثلاثة أبرز إنجاز حققته الجزائر في نهائيات جنوب أفريقيا 2010، إذ لم يكن ذلك كافياً لتجنب الخروج من الدور الأول بسجل خالٍ من الانتصار ودون تسجيل أي هدف على امتداد ثلاث مباريات.
وعلل بودبوز تلك الحصيلة الهزيلة بالقول "إن الفعالية أمام المرمى هي ما كان ينقصنا حينها. ولا يتحمل المهاجمون وحدهم مسؤولية ذلك. فحتى نحن الذين نلعب في خط الوسط الهجومي لم نتمكن من ترجمة الفرص إلى أهداف. لقد كنا نفتقر إلى عنصر الحسم، لكننا طورنا هذا الجانب كثيراً منذ تلك التجربة. فاليوم أصبحنا أكثر فعالية مما كنا عليه خلال كأس العالم."
ثعلب في حظيرة الثعالب
أصبح سوداني يجسد تلك الفعالية الهجومية على أفضل نحو، بعدما سجل ثلاثة أهداف من أصل أربع مباريات دولية. وهو يعزو سبب نهضة المنتخب الجزائري إلى قدوم المدرب البوسني وحيد خليلودزيتش، مؤكداً أن "كل شيء تغير بمجرد قدوم السيد وحيد، بدءاً بنظام اللعب وانتهاءً بالجانب السيكولوجي والذهني. فهو مهاجم سابق، ويميل إلى الأسلوب الهجومي ولا تراوده إلا فكرة واحدة مفادها أن الفوز لا يتأتى إلا بتسجيل أكبر عدد من الأهداف."
وبالفعل، كان خليلودزيتش يُعتبر ثعلباً ماكراً في منطقة الجزاء وهو الذي أحرز مرتين جائزة أفضل هداف في الدوري الفرنسي الممتاز عندما تألق بألوان نانت في ثمانينات القرن الماضي. أما الآن، فهو يسعى إلى إحياء أمجاد الماضي الجزائري وإعادة ثعالب الصحراء إلى أم البطولات بعد المسيرة المحتشمة في مونديال جنوب أفريقيا، علماً أن البلاد كانت قد غابت عن النهائيات العالمية طيلة 24 سنة، بعدما أبلت البلاء الحسن في نسختي 1982 و1986.
وقال بودبوز في هذا الصدد "إنه طموح يراودني شخصياً كما يراود شعبنا بأكمله. فنحن جميعاً نحلم بالذهاب إلى البرازيل." ومن جهته، أكد سوداني أن "تمثيل الوطن في كأس العالم وتحقيق إنجاز جيد هناك يمثل جزءاً من أحلامي كلاعب."
وبعد مضي ثلاثين سنة عن نهائيات 1982 التي كادت فيها الجزائر أن تبلغ الدور الثاني من المونديال، بقيادة رابح مادجر ولخضر بلومي ومصطفى دحلب، باتت البلاد تعلق آمالاً كبيرة لتحقيق ذلك الإنجاز بفضل الجيل الجديد الذي يتقدمه بودبوز وسوداني وسفيان فغولي وبقية النجوم الصاعدين في سماء الكرة الأفريقية والعالمية. فهل ستكون هذه بداية الطريق نحو مجد جديد؟